حياتنا منذ نشأتنا، عبارة عن قرارات، فإما ان يكون التغيير إيجابيا ونوقن بان القرار كان صائبا
واما العكس فنندم على اتخاذنا له.
الخطأ و الصواب .. مسألة شغلت البشرية منذ أن خُلِق أدم عليه السلام إلى وقتنا هذا..
ولقد ازدادت هذه المسألة تعقيداً في واقعنا المعاصر عندما بتنا ندرك الفرق بين الخطأ و الصواب في كثير من الأحوال و لكننا نصر على فعل الخطأ متكئين في ذلك على أعذار ليس لها حصر أو منتهى ،
فنقول لأنفسنا مستنكرين (يعني أنا فقط اللي حبقى مضبوط )،
و نقول (لما لا نرتكب الخطأ طالما لن يصاب أحد بضرر) .. ،
و نتيجة لذلك أصبح المجتمع يعاني و يئن من وطأة هذه الأفكار
ولقد تطور الأمر بعد ذلك و خرج هذا النقاش من نطاق أفكارنا ليترجم كسلوك ،
و أصبح الكثير يجاهر بالخطأ و يحاول أن يضفي عليه مسحة من المشروعية و يستنكر توجيه اللوم له ..
فعندما يرتكب أفعال يعاقِب عليها القانون ، يقف مشدوهاً مندهشاً عندما توجه إليه الانتقادات ،
كمن يشرب الخمر أو يتعاطى المخدرات و يقول مدافعاً عن نفسه (ما هو كل الناس بتشرب ) ،
فذلك الشخص عندما يُلْقَى القبض عليه يصاب بحالة من الذهول بعد أن يُحْكِم القانون قبضته عليه
و في النهاية لا يجد ملجأً للدفاع عن نفسه سوى أن يطأطئ رأسه و يدعي أنه مغلوب على أمره ،
و عندما تنتهي أزمته لا يراجع نفسه و يعود إلي صوابه بل يعود مرة أخرى إلى مرذول فعلته ، بل و يتمادى فيها ،
و السبب ، أنه لم تتزحزح قناعته و لم تترك أزمته السابقة أثراً إيجابياً حول تغيير نظرته للأمور ..
الواقع أن هذه المشكلة إذا رددناها إلي أصولها العلمية ، نجد أنها تتعلق بالوعي
أو بالأحرى الوعي الزائف و الذي يجعل البعض لا يدرك الأمور على حقيقتها ،
مما يجعل حكمه خاطئاً على مختلف القضايا والأمور التي تجري من حوله..
الرجوع إلى الأصل
الحقيقة أننا يجب أن نرجع إلى أصولنا ،
فقد نسينا أو تناسينا أن الديانات السماوية قد فصلت في الكثير من المسائل التي نختلف عليها الآن ،
و ذلك منذ أمد بعيد ،
و أن البشر عبر مسيرتهم الطويلة اجتهدوا في وضع حد للمشكلات التي تثير جدل في وقتنا المعاصر عقب الكثير من الإخفاقات ،
و نجحوا في الوصول إلى قواعد ثابتة حول تحديد معنى الخطأ الذي تم مواجهته بالعديد من الوسائل التي تبدأ بالاستنكار و تنهي بالعقاب عبر قواعد قانونية محددة ..
إن منطق أولئك الذين يستمرئون فعل الخطأ و ما أكثرهم إذا استسلمنا لمنطقهم ، سينفلت أمر المجتمع و يصبح كل امرئ غير عابئ بما سيئول إليه تصرفه ،
و نصبح غير آمنين على أنفسنا أو على ممتلكاتنا أو أعراضنا ،
و سوف تنحط الأخلاق و تصبح القيم في مهب الريح ..
إن مثل هذه الأفكار الهدامة التي بدأت تطفو على السطح ..
و التي استقر بعضها و أصبح عادة ، لابد من مواجهتها ،
هي و غيرها من الأفكار التي تقوض جهود الدولة في بناء مجتمع حضاري ..
لذا قد يكون من الأهمية أن يكون لدينا جهة ما قادرة على رصد الأفكار الاجتماعية التي تؤثر على تماسك المجتمع و تؤثر على قيمه و ثوابته ،
وذلك من خلال دراسة و تحليل هذه الأفكار مبكراً واقتراح الحلول و آليات التنفيذ لها..
فمواجهة الأفكار الاجتماعية الهادمة و الظواهر التي تشكل خطورة على المجتمع ،
ما عدنا نستطيع أن نلتفت عنها..
في ظل الإنجازات التي تحققها الدولة،
فتعظيم الدور المجتمعي و ما يمكن أن يتوالد عنه من أفكار ناجحة هو وحده القادر على مواجهة الظواهر الاجتماعية السلبية..
فإذا كان الخطأ من طبيعة الإنسان ومن فطرته ،
فإن الشعور بالخطأ و الندم عليه و محاولة إصلاحه يعد أيضاً عنصرا ملازماً للإنسان .